Tuesday, August 26, 2014

تفسير الآية 27 من سورة القصص

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
 
******************************************************************************
 
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين  ( 27 ) )  [ ص: 565 ]
يقول تعالى ذكره : ( قال ) أبو المرأتين اللتين سقى لهما موسى  لموسى   : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج  ) يعني بقوله : ( على أن تأجرني  ) : على أن تثيبني من تزويجها رعي ماشيتي ثماني حجج ، من قول الناس : آجرك الله فهو يأجرك ، بمعنى : أثابك الله ; والعرب  تقول : أجرت الأجير أجره ، بمعنى : أعطيته ذلك ، كما يقال : أخذته فأنا آخذه . وحكى بعض أهل العربية من أهل البصرة  أن لغة العرب   : أجرت غلامي فهو مأجور ، وآجرته فهو مؤجر ، يريد : أفعلته .
قال : وقال بعضهم : آجره فهو مؤاجر ، أراد فاعلته ; وكأن أباها عندي جعل صداق ابنته التي زوجها موسى  رعي موسى  عليه ماشيته ثماني حجج ، والحجج : السنون .
وقوله : ( فإن أتممت عشرا فمن عندك  ) يقول : فإن أتممت الثماني الحجج عشرا التي شرطتها عليك بإنكاحي إياك إحدى ابنتي ، فجعلتها عشر حجج ، فإحسان من عندك ، وليس مما اشترطته عليك بسبب تزويجك ابنتي ( وما أريد أن أشق عليك  ) باشتراط الثماني الحجج عشرا عليك ( ستجدني إن شاء الله من الصالحين  ) في الوفاء بما قلت لك .
كما حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق   : ( ستجدني إن شاء الله من الصالحين  ) أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت  .
 
تفسير الطبري
******************************************************************************
 
قال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} أي طلب إليه هذا الرجل الشيخ الكبير أن يرعى غنمه ويزوجه إحدى ابنتيه هاتين, قال شعيب الجبائي: وهما صفوريا وليا. وقال محمد بن إسحاق: صفوريا وشرفا, ويقال ليا, وقد استدل أصحاب أبي حنيفة بهذه الاَية على صحة البيع فيما إذا قال بعتك أحد هذين العبدين بمائة, فقال: اشتريت, أنه يصح, والله أعلم.
وقوله: {على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن عندك} أي على أن ترعى غنمي ثماني سنين, فإن تبرعت بزيادة سنتين فهو إليك, وإلا ففي الثمان كفاية {وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي لا أشاقك ولا أؤذيك ولا أماريك, وقد استدلوا بهذه الاَية الكريمة لمذهب الأوزاعي فيما إذا قال: بعتك هذا بعشرة نقداً أو بعشرين نسيئة أنه يصح, ويختار المشتري بأيهما أخذه صح, وحمل الحديث المروي في سنن أبي داود «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا» على هذا المذهب, وفي الاستدلال بهذه الاَية وهذا الحديث على هذا المذهب نظر ليس هذا موضع بسطه لطوله, والله أعلم.
ثم قد استدل أصحاب الإمام أحمد ومن تبعهم في صحة استئجار الأجير بالطعمة والكسوة, بهذه الاَية, واستأنسوا في ذلك بما رواه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في كتابه السنن حيث قال: باب استئجار الأجير على طعام بطنه, حدثنا محمد بن الحمصي, حدثنا بقية بن الوليد عن مسلمة بن علي عن سعيد بن أبي أيوب عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال: سمعت عتبة بن المنذر السلمي يقول: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ طسم حتى إذا بلغ قصة موسى قال: «إن موسى آجر نفسه ثماني سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه» وهذا الحديث من هذا الوجه ضعيف, لأن مسلمة بن علي وهو الخشني الدمشقي البلاطي ضعيف الرواية عند الأئمة, ولكن قد روي من وجه آخر, وفيه نظر أيضاً.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا صفوان, حدثنا الوليد, حدثنا عبد الله بن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح اللخمي قال: سمعت عتبة بن الندّر السلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن موسى عليه السلام آجر نفسه بعفة فرجه وطعمة بطنه» وقوله تعالى إخباراً عن موسى عليه السلام {قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ والله على ما نقول وكيل} يقول: إن موسى قال لصهره: الأمر على ما قلت من أنك استأجرتني على ثمان سنين, فإن أتممت عشراً فمن عندي فأنا متى فعلت أقلهما فقد برئت من العهدوخرجت من الشرط
 
تفسير ابن كثير
******************************************************************************
 
قال تعالى في سورة القصص اية 27
 ((* قال اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تاجرني ثماني حجج فان اتممت عشرا فمن عندك وما اريد ان اشق عليك ستجدني ان شاء الله من الصالحين *))
جاء في مجمع البيان:
«قال إني أريد أن أنكحك» أي أزوجك «إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج» أي على أن تكون أجيرا لي ثماني سنين «فإن أتممت عشرا فمن عندك» أي ذلك تفضل منك و ليس بواجب عليك و قيل معناه على أن تجعل جزائي و ثوابي إياك على أن أنكحك إحدى ابنتي أن تعمل لي ثماني سنين فزوجه ابنته بمهر و استأجره للرعي و لم يجعل ذلك مهرا و إنما شرط ذلك عليه و هذا على وفق مذهب أبي حنيفة و الأول أصح و أوفق لظاهر الآية «و ما أريد أن أشق عليك» في هذه الثمانية حجج و إن أكلفك خدمة سوى رعي الغنم و قيل و ما أشق عليك بأن آخذك بإتمام عشر سنين «ستجدني إن شاء الله من الصالحين» في حسن الصحبة و الوفاء بالعهد
 
منتديات المنشاوى
******************************************************************************
 
 

No comments:

Post a Comment